أجل وهم «يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم»(١).
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١٤٧).
وليس ذلك الخطاب ـ كأمثاله ـ يعني ان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وعوذا بالله ـ كان من الممترين في الحق من ربه ، فإنما ذلك له تثبيت ، وللممترين من أهل الكتاب تتبيب ، ولكلّ دعاية ضالة تمويت وتفويت.
«الحق» كله «من ربك» الحق الرسالي بالقرآن الحكيم الذي هو كل الحق ، المحلّق على كل حق ، إنه «من ربك» لا سواه (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ
__________________
ـ المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام يا عمر : ... فقال عمر كيف ذلك؟ قال : انه رسول الله حق من الله وقد نعته الله في كتابنا ولا ادري ما تصنع النساء ، فقال له عمر : وفقك الله يا ابن سلام. وفيه اخرج الطبراني عن سلمان الفارسي قال : خرجت أبتغي الدين فوقعت في الرهبان بقايا اهل الكتاب قال الله تعالى : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) فكانوا يقولون : هذا زمان نبي قد أطل يخرج من ارض العرب له علامات من ذلك شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة.
(١) نور الثقلين ١ : ١٣٨ في اصول الكافي عن الأصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه يقول : فاما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى يقول الله عز وجل (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ ...) وان فريق منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون. (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أنك الرسول إليهم (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) وفيه في تفسير القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) يعني رسول الله (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) لأن الله عز وجل قد انزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجرته وهو قوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) فهذه صفة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه ، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).