(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) و (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...) (٥٧ : ٢١) في ذلك المسرح الواسع الحافل بمختلف الوجهات والواجهات ، و «الخيرات» هي التي يولّيها الله إياكم دون سواه ، فاجعلوا الحياة ميدان سباق في الخيرات كلها ، في كل وجهة واتجاهة قلبية وقالبية ، استباقا في موادها ومددها وعددها وعددها ، فإن استباق الخيرات والمسارعة فيها هي بعدها كأصل أصيل في الحياة ، فرضا أو نديا : (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣ : ١١٤) ـ (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ. وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ...) (٢٣ : ٦٢).
إن استباق الخيرات والمسارعة فيها أصل حيوي تحلق على كافة النشاطات الصالحة للصالحين ، يتسابقون في الخيرات ما استطاعوا ، ويسارعون فيها ما استطاعوا ، ومن أفضل الخيرات الصلاة ، واستباقها يعم ظاهرها وباطنها وقبلتها كما هو مولّيها ، وزمانها ومكانها كما أمر الله ، مجردة عن كافة الصلات إلّا بالله ، وعن كافة النزعات إلّا نزعة الله ، وعن كافة الوجوه إلّا وجه الله.
ذلك! ومن ثم يصرف الله المسلمين عن الانشغال بما يبثّه أهل الكتاب وسواهم من دسائس وفتن في أقاويل وأفاعيل ، يصرفهم إلى استباق الخيرات حيث مصير الكل إلى الله :
(أَيْنَما تَكُونُوا) مكانا ومكانة ومكنة وفعلية وفاعلية ، وفي أية اتجاهه خيرة أو شريرة.
(يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) مع بعضكم البعض ليوم الجمع ، و «جميعا» مع كل أعمالكم واتجاهاتكم ليوم الحساب ، ولا يعزب عنه منكم ومن أعمالكم