هذه من الآيات الدالات على الحياة البرزخية ، تختص هنا بمن يقتل في سبيل الله لمناسبة المسرح والموقف ، ف «أموات» هنا يعني موت الفوت الذي ليس فيه ولا بعده حياة ، فهو الموت المطلق ، لا مطلق الموت الذي قد تصاحبه حياة تعنيها «بل أحياء» فهم أحياء بعد موتهم (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) حسيّا أنهم أحياء ، فاشعروا معرفيا بما يعرّفكم الله أنهم «أحياء».
وإنها ليست ـ فقط ـ حياة الذكر بعد الموت ، فما هي الفائدة للميت دون حياة أن تكون له حياة الذكر وهو لا يشعرها ، ثم الثانية النظيرة لها ، الشارحة لحياتها أكثر منها (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ ... وَيَسْتَبْشِرُونَ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣ : ١٦٩) تصريحات لا حول عنها لواقع الحياة بعد الموت دون حياة التخيّلات ، وسوف نأتي على تفصيل القول عند تفسيرها.
إنهم يعيشون بعد موتهم «في الجنة على صور أبدانهم» (١) «في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا» (٢) ، وفي صيغة ثالثة «إن الأرواح في صفة الأجساد» (٣).
__________________
(١) المصدر في المجمع عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أرواح المؤمنين؟ فقال : في الجنة على صور أبدانهم لو رأيته لقلت فلان.
(٢) المصدر عن المجمع عن يونس بن ظبيان قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا فقال : ما يقول الناس في أرواح المؤمنين؟ قلت : يقولون : في حواصل طير خضر في قناديل تحت العرش ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : سبحان الله! المؤمن أكرم على الله من ان يجعل روحه في حوصلة طائر أخضر ، يا يونس! المؤمن إذا قبضه الله تعالى صير روحه في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ...».
(٣) في الكافي عن الصادق (عليه السلام): ... في شجر من الجنة تعارف وتساءل فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول دعوها فانها قد أقفلت من هول عظيم ثم يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان ، ـ