هل بالوادي من أنيس؟ فلم تجب ، ثم رجعت إلى الصفا فقالت كذلك حتى صنعت ذلك سبعا فأجرى الله ذلك سنة ...» (١)
و «لأن الشيطان ترايا لإبراهيم (عليه السلام) في الوادي فسعى وهو منازل الشياطين» (٢) : منازل الشياطين ـ تحت الأرضية ـ الأوثان ، التي دفنت في الصفا والمروة ، والشياطين فوق الأرضية الملاحقين الطائفين بالبيت ، فقد نطأ الأوثان بسعينا عليها ، ونفرّ عن الشياطين الذين يلاحقوننا بعد الطواف ، ليستلبوا عنا الروحية التوحيدية المخلّفة عنه ، فليس هو العدو كيفما كان ، فقد يعدو الساعي وقد يركض ، فكم من عاد غير ساع ، أو ساع غير عاد ، إنما هو الجد الهادف في العمل الجادّ ، والهرولة فيه هي سعي في سعي ، كذلك والشياطين الداخليين ، حيث السعي بهرولته تسقطهم عن قلبك ، كما استقطتهم عن قالبك ، إذا فثالوث الشيطنات تسقط بسعيك لو سعيت فيه كما أمرت. والسعي هو الجد الهادف ، تفتيشا دائبا عما يهمه ، ام فرارا عما ينعمه ، والساعي في السعي بين الصفا والمروة يفر عن الشيطنات الثلاث ، وليجد ضالة التوحيد عقبى ، وضالة العيشة دنيا ، كما ونلاحقهم سعيا وراءهم.
فآدم (عليه السلام) يسعى من الصفا الى المروة ـ بعد طواف البيت ـ إنشادا لضالته : المرأة ، فقد ضل عنها وضلت عنه في الطواف ، انقطاعا كاملا إلى الله ، وهنا ينشدها بأمر الله ، فإن كلّا من الأمرين هو في مجالته وحالته من أمر
__________________
(١) المصدر عن العلل باسناده إلى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن ابراهيم (عليه السلام) لما خلف إسماعيل بمكة عطش الصبي وكان فيما بين الصفا والمروة شجر فخرجت امه حتى قامت على الصفا ...
(٢) المصدر عن العلل باسناده الى حماد عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) لم جعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال : لان الشيطان ...