الله ، رمزا للجمع بين الدين والدنيا ، الدين كأصل والدنيا كهامش لا تضربه بل وقد تؤيده ، وهذا درس أوّل في السعي من آدم.
ودرس ثان من الصفية هاجر حيث حلّت محل الصفي على الصفا تفتّش عن ماء وأنيس لإسماعيلها العطشان الوحيد ، فلا يؤيسها رمضاء الهواء وفاقد الماء ، او الاتكالية الفوضى ـ الفاضية ـ على الله دون سعي ، بل تسعى سعيها مرات سبع ، متكلة على الله بسعيها ، فتفور فائرة الماء من آرتزية زمزم.
فليسع الساعون للحصول على بغية الحياة الرامز إليها الماء ، دون أن يصدّهم صادّ ، متكلين على الله بسعيهم (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ودرس ثالث من السعي ان نطأ مخابئ الأوثان «إساف ونائلة» أمّا شابه ، وذلك من شعائر التوحيد السلبية بعد إيجابية الطواف ، فلأنّ السلب في كلمة التوحيد أطول من الإيجاب وأعضل ، فليكن الإيجاب بين سلبين ـ فإنه أسهل ـ : أوّلهما سلبيات الإحرام أما شابه ، وثانيهما سلبيات السعي ، البادئة بوطئ الأوثان الدفينة تحت الأرض ، ثم الظاهرة عليها ، ومن ثم الدفينة في النفس ، فان حركات السعي ، ولا سيما الهرولة كما الآبال ، تسقط عنك ما علّقته بنفسك ما هو أجنبي عنها من إنيات وأنانيات.
وكل ذلك ـ كما الطواف ـ في سبعة أشواط ، سلبا لأبواب الجحيم السبع ، التي هي من شيطنات سبع ، المنقسمة من أصولها الثلاثة : «الشيطان ـ البقر ـ النمر» وحدويات ثلاث ، وإثينيات ثلاث ، وجمعية واحدة هي كلّ الثلاث.
أو ليس الصفا والمروة ـ بعد ـ من شعائر الله ، حيث يشعرنا برموز كهذه ، وهو من إذاعات إلهية بارزة لدحر الشياطين والشيطنات ، وإثبات حق الحياة ، والسعي في كلا النفي والإثبات في حيوية التوحيد الحق؟.