ثم بعد كل ذلك (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) ربنا يشكرنا أن تطوعنا خيرا وهو خير لنا لا له : (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) (٢ : ١٨٤)! ، لأن تطوع الخير هو خير الخير ، تكلفا نفسيا وبدنيا في السعي أما شابهه مما يتكلف فيه ... ومن صلات آية الصفا بما سبقها من آيات ، أن السعي هو من الشعائر الإبراهيمية ، ثم ل (بَشِّرِ الصَّابِرِينَ) موضع من صبره على إسماعيله الرضيع حيث وضعه وأمّه بواد غير ذي زرع ، وصبر هاجر عليه حتى سعت لتجد له أنيسا أو ماء ، ثم وموضع من الصبر على تطوع السعي ، نفسيا وبدنيا (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ)!
ولنقف حائرين مختجلين أمام ذلك التعبير العبير (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ) وكأنه أهديت إليه بهدية يشكر لها ، والمهدي في كل مجالات الهدايا هو الله!.
وإذا كان الرب يشكر عبده على واجب عبوديته الصالحة له دون ربه ، فما ذا على العبد في شكره لربه وهو غريق في خضمّ نعمه!.
مسائل فقهية أخرى في السعي
: ١ السعي ركن في الحج بأقسامه الثلاثة وفي العمرة مفردة وتمتعا ، يبطل كلّ من الحج والعمرة بتركه عمدا ، فان تركه ناسيا يعيده حيثما ذكر ان أمكن ، وإلّا فيطاف عنه (١) ، وهو بعد الطواف ، ثم بعده التقصير ـ فقط ـ في عمرة
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٣٦ والتهذيب ١ : ٤٨٩ صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام): «من ترك السعي متعمدا فعليه الحج من قابل» واما الناسي ففي الحسن عن معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قال قلت له : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة؟ قال : يعيد ذلك ، قلت : «فانه خرج؟ قال : يرجع فيعيد السعي» (التهذيب ١ : ٤٨٩ والاستبصار ٣ : ٢٣٨) وفي صحيح ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) سألته عن رجل نسي ان يطوف بين الصفا والمروة حتى رجع الى أهله؟ قال : يطاف عنه.