هكذا يسمعونه ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ، يحرفونه تحريفا مشوّها كما في الترجمة العربية عن اصل يوناني ١٦٨٧ :
«أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به» (١٩) فقد بدلت «من أقرباء أخيهم» إلى «من وسط إخوتهم» حتى تنحرف هذه البشارة عن النبوة غير الإسرائيلية ، فأخيهم هنا هو عيص أخو يعقوب وكما في «تث ٢٨ : ٨» ولأن عيص تزوج بنت إسماعيل وأولد منها ولدا ومن غيرها آخرين ، لذلك أصبح بنوا إسماعيل من عيص أقرباء بني عيص ، إذا فأقرباء إخوة بني إسرائيل هم بنوا إسماعيل من عيص وقد بعث من بينهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (١)!
وحين يسمعون كلام الله من موسى «وليشمعيل شمعتيخا هينه برختي أوتو وهيفرتي أوتوا وهيربتي أوتوا بمئد مئد شنيم عاسار نسيئيم يولد ونتتيو لغوى غادل» (التكوين ١٧ : ٢٠) :
«ولإسماعيل سمعته (ابراهيم) ها أنا أباركه كثيرا وأنميه كثيرا وأرفع مقامه بمحمد واثني عشر إماما يلدهم إسماعيل واجعله امة كبيرة».
هكذا يسمعونه ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ، كما في نفس الترجمة : «وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها انا أباركه وأثمره وأكثره جدا اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة».
فقد ترجموا «بمئد مئد» وهو محمّد ـ وحتى بحساب الأعداد الذي يعتمدون عليه ، فانه (٩٢) كما محمد (٩٢) ـ ترجموه ب «أكثره جدا» رغم أن معناه كثير الحمد المعبر عنه بأحمد ومحمد! (٢).
__________________
(١) راجع كتابنا (رسول الإسلام في الكتب السماوية) ٣٣ ـ ٣٩.
(٢) راجع «رسول الإسلام» ٤٠ ـ ٤٣.