فمن التهلكة في تفريط الإنفاق تهلكة الكيان الإسلامي واستقلال الكتلة المسلمة أمام الأعداء ، التي تخلّف تهلكة الأموال والأنفس والأعراض وتهلكة العقيدة أمّاهيه من نواميس المسلمين ، ومنها تهلكة الكيان الاقتصادي المهدد من قبل الشيوعية المختلفة من الإقتار في الإنفاقات الواجبة والمستحبة.
ومنها تهلكة روح الحنان والإيثار في هؤلاء المقترين البخلاء.
ثم من التهلكة في افراط الإنفاق تجاهل الحاجيات الشخصية والعائلية التي تبوء إلى ذل الفقر وبؤس السؤال وضنك المعيشة و «لو ان رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن ولا أوفق» (١) ولكن اين تهلكة من تهلكة؟ ، فتهلكة التفريط في الإنفاق تحلق على كافة النواميس فردية وجماعية ، ولكن تهلكة الإفراط ليس إلّا في الصالح المعيشي للمفرط.
هنا لشطري الآية حالتان ، متصلة ومنفصلة ، فالأولى تربط «لا تلقوا» ب ـ «أنفقوا» ولا سيما في حقل الجهاد في سبيل الله.
والثانية تجعل كلّا تستقل في كافة حقولها ، فالإنفاق العفو في سبيل الله واجب او راجح على أيّة حال ، والإلقاء إلى التهلكة محرم على أية حال ، إفراطا او تفريطا في إنفاق المال ، او تهديرا للحال في سائر النواميس الخمس.
فالمناضل المتساهل في خط النار المتهدر لنفسه زعم الشهادة به ، وهو قادر على الحفاظ على نفسه لفترة ام على طول الخط ، قتلا لأعداء ، ام تضعيفا لهم ، انه ممن يلقي نفسه بأيديه الى التهلكة ، بل وأنفس الآخرين ، حيث يضعف بفقد كل مناضل أزر الجهاد فيبوء أحيانا الى الانهزام (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)!
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٧٩ عن الكافي بسند متصل عن حماد اللحام عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : لو أن رجلا ... أليس الله يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)؟.