يقبلها من تتمة مناسكه ، وفي لحوق حكم المحصر للمريض تأمل ظاهر ، اللهم الا فيما لا مجال فيه للاستنابة ، وليس للمحصر ولا عليه ما فرض عليه لحلّه من إحرامه إلّا عند الإياس عن إتمام مناسكه بتضيّق وقتها ، وإلّا لم يكن محصرا ، كما وان (فَإِذا أَمِنْتُمْ) تفرض عليه هديا آخر إن كان متمتعا إذا أمن بعد الإياس والوقت باق وقد طبّق فرضه الأوّل.
ثم (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) هنا كما في هدي المتمتع ، يقدّر بقدر إمكانية المهدي ، ولأن الهدي هو جمع الهدية ام هو الهدية كما تلمح له (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) تذكيرا له وافرادا لضميره العائد اليه وهي ـ بطبيعة الحال كما تدل عليه آياته ورواياته ـ لفقراء الحرم زوارا وسواهم ، فلا بد من امكانية إيصاله إليهم حالا أم بعده ، وان مبلغا يسيرا من المال ممن لا يتيسر له هدي غيره ، ام ثمن هدي الأضحية إذا لا يتيسر هي بنفسها عوزا أم حيث لا مصرف للحومها كما فصلناه في آيات الحج.
(وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ...)
(لا تَحْلِقُوا ... حَتَّى) دليل ان الحلق هو الواجب المتعيّن على المحصر حاجا او معتمرا في كل أقسامهما ، ولا ينوب عنه التقصير ـ إلّا للمرأة ـ وحتى عند عدم إمكانيته ، حيث ينتقل حسب النص الى (صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فالمحصر مطلقا حكمه محصور في الحلق مهما كان في سعيه مخيرا بين الحلق والتقصير ، ام في مناه متعين الحلق او جائز التقصير.
وترى ما هو «محل الهدي» حيث جعلت غاية للحلق ، هل هو مكانه في مكة للمعتمر ، (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) ام في منى للحاج ، ذبح أو لمّا؟ وبلوغ الهدى محله ذاك ليس إلّا ذريعة لذبحه وهو الأصل! ام هو محل ذبحه ، ان يحل مذبحه؟ وتعبيره الصالح حتى يذبح هديه!.