ف (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) حصر زمني لأعمال الحج ، انها لا تصح في غيرها (١) ، خلافا لنسيء الجاهلية ، حيث كانت تقدم الحج عنها وتؤخرها فزيفها القرآن (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٩ : ٣٧).
هذا نسيء ، ثم نسيء بعده من بعض أئمة الفقه كأبي حنيفة حيث جوز الإحرام بالحج في غيرها من جميع السنة سنادا الى آية الأهلة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ..) رغم انه لا تعم في «الحج» فيها كلّ الأهلة ، حيث أفرد بعدها ، مما يدل بإفراده عنها اختصاصه بقسم منها بيّنته آية الأشهر المعلومات ، وحتى لو عمت آية الأهلة ، فقد حفّت بآية الأشهر.
فمن يحرم للحج قبل شوال فقد أبطل ، أم يحوّله الى عمرة مفردة (٢) ، فليست لتصح عن عمرة التمتع إذ يجب البدء في إحرامها منذ غرة شوال ، والعمرة المفردة التي تكفي عن التمتع هي التي حصلت منذ شوال ، إذ : «قد دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه» فهي مشبّكة في الحج لا يؤتى بها إلّا في أشهر الحج.
والأشبه بطلان العمرة المنوي بها تمتعا قبل شوال حيث (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ ...) وهو فرضه في غيرهن ، فلا يحكمه (فَلا رَفَثَ ..) فلا يعتبر ـ إذا ـ إحراما ، اضافة إلى انها نوي بها ما لا تصح من عمرة التمتع ، فكيف تصح
__________________
(١) وفي الدر المنثور ١ : ٢١٨ ـ أخرج ابن مردويه عن جابر عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : «لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج»
(٢) وقد تدل عليه رواية أبي جعفر الأحول عن الصادق (عليه السّلام) في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج؟ قال : «يجعلها عمرة» (الفقيه ٣ : ٢٧٨).