(وَلا فُسُوقَ) خروجا عن حدّ العبودية لله في كل صغيرة او كبيرة ، فالصغيرة حالة الإحرام كبيرة ، والكبيرة فيها الكبرى ، وكيف لا وقد حرمت عليك هنا شهوات كانت محللة قبل إحرامك ، فضلا عما حرم عليك.
ومهما فسّر الفسوق في أحاديثنا بالكذب والسباب ، ويظن انه الكذب المعروف باللسان ، ولكنها مطلق الفسوق وهو كذب في كل الحقول المعرفية والعملية والقولية (١) ام انه تفسير بالفسوق الذي فيه كفارة ، فطوق العبودية لله وأنت ملبّ في إحرامك العبودية المطلقة ، ذلك الطوق يطوّق عليك كل تخلف عن طورك ، في كل حورك وكورك ، فالتخلف المعرفي كذب في حقل المعرفة ، والتخلف العملي كذب في حقل العمل ، والتخلف القولي كذب في حقل القول ، فلتكن صادقا في ذلك المثلث ، صدقا يحلق عليك ككلّ ودون إبقاء ، سياجا صارما على كل تخلفاتك عن ساحة العبودية فانها كلها فسوق وهنا «لا فسوق».
(وَلا جِدالَ) مع نفسك أم سواك ، مع ربك ام سواه ، حتى مع الحيوان والنبات ، حيث الإحرام هو حالة السلم والتسليم ، فكيف تجادل إذا ، وبم تجادل ولم؟!
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٩٤ في الكافي صحيحة معاوية عمار قال قال ابو عبد الله (عليه السّلام) إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقله الكلام إلّا بخير فان من تمام الحج والعمرة ان يحفظ المرء لسانه إلّا من خير كما قال الله عزّ وجلّ يقول (فَمَنْ فَرَضَ ..) والرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب والجدال قول الرجل : لا والله وبلى والله ، واعلم ان الرجل إذا حلف بثلاثة ايمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وقال وسألته عن الرجل يقول : لعمري وبلى لعمري؟ قال : ليس هذا من الجدال انما الجدال لا والله وبلى والله أقول : «انما» هنا حصر في حكم الجدال وهو دم يهريق ، لا في أصله الشامل له ولغيره من جدال كما هو قضيته نفي الجنس في «لا جدال».