فلا تجرح نفسك ، ولا تحلق او تقصر شعرك ، ولا تخدش جسمك ولا تقلع ضرسك ولا .. اللهم إلّا لضرورة ، وهذا جدال مع نفسك.
ثم لا تجادل غيرك ، لا في باطل فحسب ، بل وفي حق ايضا اللهم إلّا عند ضرورة ، ثم ولا تجادل حيوانا حتى الهوام اللهم إلّا عند اضطرار ، ولا تجادل صيدا إلّا صيد البحر ، فانك الآن في صيد ربك فكيف تصيد من هو مثلك.
ثم لا تجادل حتى الأشجار ، فقطع شجر الحرم حرام عليك يا محرم ، بل ولا يحل لك هنا حمل السلاح الشاهر أيا كان «فانه لا جدال» وتفسير الجدال بالحلف بالله كقول لا والله وبلى والله ، تفسير بما فيه كفارة ، وليس تفسير المفهوم من الجدال ككلّ ، لأنه خلاف نفي الجنس المستغرق لكل جدال.
وترى هنا كل محرمات الإحرام منتظمة في ذلك المثلث (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ) وقد فصلتها السنة المباركة بكل أبعادها ، ما فيه كفارة وما ليست فيه.
وهذه السلوب الثلاثة محددة «في الحج» مناسك الحج وأمكنته وهي الحرم ، فما دمت محرما وفي الحرم (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ).
هذه نبذة يسيرة عن مدرسة الإحرام في صفوفها السلبية الثمانية والعشرين التي هي محرماتها ، بعد مربع الإيجابيات ، نية وتلبية في الميقات ولبسا لملابس الإحرام ، وموحدّة المحرمة وهي لبس الملابس المحظورة حالة الإحرام ، ويا ليت المحرم يطوّل زمن الإحرام ، لكي يتدرب في مدرسته أكثر وأكثر ، حتى يتخرج منها سالما سليما حنيفا مسلما لرب العالمين ، فلا يتحرج بعد في مضايق الشهوات والإنيات والأنانيات.
ذلك الإحرام بواجباته ومحرماته نبراس عامّ هامّ ينير الدرب على من يعزم السلوك في مسالك العبودية الصالحة ، متحلّلا عن كل رفث وفسوق وجدال ، متحليا بحلل الكمال في كل حلّ وترحال ، بكل جارحة له وجانحة ، في كل