الثلاث ، والبشرية قبلها (أُمَّةً واحِدَةً) متماثلين في أصل الضلالة عن الهدى الرسالية ، وهذا هو الذي يستتبع بينهم خلافات حسب مختلف الأهواء والرغبات (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) على كونهم أمة واحدة ، في الضلالة عن هدي الوحي ، مهما كانوا مهتدين برسل الفطر والعقول ، فإنها لا تكفي هدى لابقة لائقة بالإنسان بحيث تصبح الإنسانية أمة واحدة كاملة ، إذا فوحدة الأمة البشرية قبل بعث النبيين لا تعني عدم الاختلاف بأسره ، بل وحدة في الضلالة عن هدى الوحي كما ولم يكونوا كافرين إذ لا وحي به يكفرون.
هذا! ولكن ما هو الجواب عن سؤال : متى كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين؟ وقد بزغت الإنسانية برسالة الوحي ، فآدم الرسول هو أوّل إنسان من هذه السلسلة ، ثم من ولده وأحفاده كشيث وإدريس ، وقد كان نبيا حسب النص (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) (١٩ : ٥٦) وكما تلمح آيات أو تصرح بأنبياء قبل نوح : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) (١٩ : ٥٨) ، ثم وكيف يجوز في حكمة الله ورحمته أن تظل البشرية ردحا من الزمن أمة واحدة في ضلال ثم يبدو الله أن يبعث النبيين ، فيحتجون ـ إذا ـ على الله كما قال الله : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً. رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٤ : ١٦٥) (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا
__________________
ـ (عليه السلام) عن الآية فقال : كان الناس قبل نوح امة واحدة فبد الله فأرسل الرسل قبل نوح ، قلت : ا على هدى كانوا ام على ضلالة؟ قال : كانوا على ضلالة قال : بل كانوا ضلالا لا مؤمنين ولا كافرين ولا مشركين. وفيه عن المجمع وروي عن الباقر (عليه السلام) انه قال : كانوا قبل نوح امة واحدة على فطرت الله لا مهتدين ولا ضلالا فبعث الله النبيين.