حُجَّةٌ) بل هي إما فترة رسولية ، أم فترة الأنبياء أو والنبوات ، كما الأخيرة كانت بين المسيح ومحمد صلوات الله عليهما : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ..) ـ (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ).
ولئن سأل سائل هل كان النبيون قبل نوح ـ وهم اصحاب كتب ـ كانوا من أولى العزم؟ وهم خمسة! ام لا؟ فكيف كانت لهم شرائع مستقلة مهما كانت لواحد منهم كإدريس! قلنا : النبوة مهما استلزمت كتاب الوحي ولكنها كتاب أكمل من كتاب الرسالة وهما مشتركان في عدم حمل شرعة سوى تدليل العقل والفطرة ، أم ان العزم بكامله ليس إلّا في الخمسة.
وقد تعني «كان» فيما عنت كونا منسلخا عن الزمان ، ناظرا ـ فقط ـ إلى كيان الإنسان ، أنه (أُمَّةً واحِدَةً) في الضلال ـ وعلى طول خط الحياة بخطوطها وخيوطها ـ ما لم يهتد بوحي النبوات الربانية ، فلا تكفيه الفطرة والعقلية الإنسانية لإخراجه عن متاهة الضلالة وتيه الغواية ، كيف ولم يخرج عنها تماما على ضوء الدعوات الرسالية ، ففريق لم يؤمنوا ، وفريق آمنوا ثم تفرقوا واختلفوا في نفس الشرعة التي هي عامل الوحدة.
ثم الاختلاف اثنان ، اختلاف قبل النبوات هو طبيعة الحال القاصرة ، فطرة بعصمتها الإجمالية ، وعقلية خاطئة غير معصومة ، واختلاف بعد النبوات بين حملة الشرائع بعد النبيين ، وبين المحمول إليهم من جرّاء خلافاتهم في كل شرعة شرعة.
هذا ، كما و (ما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا) (١٠ : ١٩) قد تنظر إلى الاختلاف الثاني وهو في الدين ، بعد الاختلاف الأول الذي اقتضى بعث النبيين.
كما وآيتنا تصرح بهذين الاختلافين فالأول هو المستفاد من : (لِيَحْكُمَ بَيْنَ