هذا! والجمع بين المحتملين أجمع وأجمل ، ظنا من الرسل هكذا وظنا من غير المؤمنين ، بل والمؤمنين الضعفاء ، وهكذا يبتلى المؤمنون بزلازل الإيمان تمحيصا لهم.
هذا! وكما يحتمل بجنبه ان يكون (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) من الله الى الرسول فأجاب بما قال الله ، وقد نجد لذلك اللف والنشر نظائر في القرآن منها : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) (٢٨ : ٧٣) حيث الأول للأول والثاني للثاني ، وفي آيتنا عكس الأمر رعاية لحرمة الرسول (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) ثم قدم مقالة المؤمنين (مَتى نَصْرُ اللهِ) لأنها سؤال يتقدم على الجواب ، ثم الجواب (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) وقد يكفي هذا جوابا ويفي عن السؤال : كيف يقول الرسول : متى نصر الله؟ استبعادا له واستعجابا؟ حيث الرسول لا يقول قوله هذا إلّا رعاية للذين آمنوا معه خوفة على تزعزعهم ، ولا يعدو قوله هذا عن كونه دعاء واستدعاء وكما امر الله : ادعوني استجب لكم ، ولو لا جانب المؤمنين المتزلزلين لكانت حاله : علمه بحالي حسبي وكفاني ، كما نعرفه من صبره العظيم أمام الرزايا الفادحة والبلايا القادحة وكما أمر (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) ولكنه مع ذلك يؤمر للمؤمنين : «وصل عليهم» استرحاما لهم في زلازلهم.
وقد يكون (مَتى نَصْرُ اللهِ) من الذين آمنوا معه ، ثم (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) جوابا للرسول عن سؤالهم ، ولو كان السؤال منه كما منهم لكان صحيح التعبير او أصحه «متى نصرك يا رب».
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) ٢١٥.