الكلفة فيها لعبئها في نفس الذات ، والقتال هي بالطبع الأولى لو خلي وطبعه هي أمر إمر لا يلائم الفطرة والعقلية الإنسانية ، لأن فيها هدر الأنفس والأموال ، اللهم إلّا لأمر أهم من الحياة وهو أمر الله الذي يحمل كل خير.
والإسلام يحسب حساب الفطرة الإنسانية ، فلا ينكر كره هذه الفريضة وأمثالها ، ولا يماري في الفطرة او يصادمها ، ولكنه يعالج الأمر الإمر من ناحية اخرى تلائم الفطرة ، ان يسلط عليها نورا خفية عنها ، وهي الخير المخبوء عنها ، المجهول لديها ، فعندئذ يفتح للفطرة نافذة جديدة جادة تطل منها على ذلك الأمر ، نافذة تهب منها ريح رخية وروح ندية ، تهون عندها كل كره ومشقة ، وينقلب أمرها إلى حبيبة مرضية تتهافت إليها جموع المؤمنين.
ومن ذلك القتال حيث يغلّب خيرها الخفي على كرهها الجلي فيصبح أمرها بأمر الله ووعده فطرة ثانية تنسي الأولى ، فتراه يتفانى متسابقا في جبهات القتال ضد الأعداء الألداء.
فلما تعرّف القتال بإحدى الحسينين ، حسنى قتل العدو او الشهادة ، وانهما احسن من القعود عن النضال ، فالفطرة المؤمنة تعشقها بطبيعة الحال ، مهما كان المؤمنون درجات في ذلك المجال ، ولكي تنضبط الفطرة الإنسانية بضباط الإيمان ورباطه تأتي هذه الضابطة نبراسا ينير عليها دروب الفضائل ، ومتراسا يكرس به طاقاته للنضال في خضم المعارك بكل ألوانها وقضاياها ورزاياها :
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وليست هذه الضابطة تجهيلا للفطرة في اصل الانجذاب الى كل خير والابتعاد عن كل شرّ ، بل هي تجهيل بالنسبة لمصاديق عدة للخير والشر ، حيث الإنسان أيا كان لا يحيط علما بكل خير وكل شر ، لا بفطرته ولا عقليته ولا طاقات اخرى فردية وجماعية ، فلا بد إذا من نبراس من