في المسكن والمأكل والمشرب حالة الحيض كما كانت من شيمة اليهود (١) ولا هي الصحة الكاملة التي تسمح لها التداوم في كل الإرب الأنثوية كما كانت تفعله النصارى ، بل هي عوان بين الحالين ، فلا هي مرفوضة ككلّ ولا مفروضة على زوجها كسائر حالاتها (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ ..)
وهل «المحيض» في واجب اعتزال النساء هو المحيض المسئول عنه؟ إنه المأتى : محيض المكان قبلا ، ثم والمأتى دبرا وهو دبر القبل أذى وحالة المحيض المصدر والمحيض الاسم اللهم إلّا اسم المصدر على تأمل.
ولو كان القصد الى خصوص مكان الحيض وهو القبل لأتى باسمه الخاص ، وقد يقرّب القصد العام (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ ..) حيث القرب المسموح
__________________
ـ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أتى امرأته وهي حائض فجاء ولده أجذم فلا يلومن إلا نفسه» أقول ورواه مثله في الفقيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(١) الدر المنثور ١ : ٢٥٨ ـ في اخراجات عدة عن أنس ان اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت فسئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك فأنزل الله الآية. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلّا النكاح فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل ان يدع من أمرنا شيئا إلّا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وساد بن بشر فقالا يا رسول الله ان اليهود قالت كذا وكذا فلا نجامعهن فتغير وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى ظننا ان قد وجد عليهما فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأرسل في اثرهما فسقاهما فعرفا انه لم يجد عليهما أقول : «إلا النكاح» يعم المأتيين ، فهل إذا أتاها من دبرها ما نكحها؟.
وفيه اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ان القرآن انزل في شأن الحائض والمسلمون يخرجونهن من بيوتهن كفعل العجم فاستفتوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك فأنزل الله الآية فظن المؤمنون ان الاعتزال كما كانوا يفعلونه بخروجهن من بيوتهن حتى قرأ آخر الآية ففهم المؤمنون ما الاعتزال إذ قال الله لا تقربوهن حتى يطهرن.