قَلْبِي ..) (٢ : ٢٦٠) وقد كان موقنا أنه تحيى الموتى ، ولكنه هنا يتطلب الإيقان ب (كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) إيقانا معرفيا بفعل الرب على قدر دون كلّ الأقدار الخاصة بالله
فإبراهيم الخليل كان عارفا ربه الجليل «من قبل» وعلّه منذ ولاده : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ. إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) (٢١ : ٥٢) والحجة التالية عرض لموقف الفطرة والعقلية السليمة بمعرض قومه المشركين ، نبهة لهم لعلّم يذّكّرون.
اجل (وَكَذلِكَ نُرِي) اراءة متواصلة لا انقطاع لها ، ولأنها أصل العصمة الربانية لإبراهيم الخليل ، فلا تعني «نرى» إراءة لاحقة ، ولا ـ فقط ـ حكاية حال ماضية ، بل هي إرادة استمرارية طول عمره ولا سيما في طائل أمره الرسالي ، إراءة تحلق على كيانات العصمة رسلا وأئمة يخلفونهم ، ولا سيما محمد (ص) والمعصومون من عترته عليهم السلام(١).
__________________
(١) المصدر في الخرائج والجرايح عن ابن مسكان قال : قال ابو عبد الله (ع) في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ ..) قال : كشط الله لإبراهيم السماوات حتى نظر الى ما فوق الأرض وكشطت له الأرض حتى رأى ما تحت نجومها (تخومها) وما فوق الهوى ، وفعل بمحمد (ص) مثل ذلك وإني لأرى صاحبكم والأئمة من بعده فعل بهم مثل ذلك ، وسأله أبو بصير هل رأى محمد (ص) ملكوت السماوات والأرض كما رأى ذلك ابراهيم (ع)؟ قال : نعم وصاحبكم والأئمة من بعده».
وفيه عن كتاب الخصال عن يزداد بن ابراهيم عمن حدثنا من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول قال امير المؤمنين (ع) والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا النبي (ص) : فتحت لي السبل وعلمت الأسباب واجري لي السحاب وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي جل جلاله فما غاب عني ما كان قبلي وما يأتي بعدي ...».