يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٧ : ٥٥) لأنه بالنسبة للمدعو : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (١٣ : ١٠) ، ولكن دعاء الخفية قد يراد منه الإخفاء عمن يسمعه ، تسترا عن حكم الفطرة بهذه الحالة الانقطاعية.
وهنا (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) قد تعني «وخفية» للدعاء والتضرع فيه لكي يخفى على من يعرفونكم بحالة الإشراك ، تسترا عن إيمان الفطرة وفطرة الايمان ، إذا فالخفية في الدعاء خفيتان صالحة كأصلحها وطالحة كأنحسها وبينهما عوان ، وكلّ ذلك اعتبارا بمختلف الملابسات الطارئة.
وهنا (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) إجابة من الفطرة يقولها فاطرها لأنها باهرة غير خفية «ثم أنتم» الناجون بدعائكم ، الواعدون : (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ـ «أنتم» أنفسكم أيها الخونة الكاذبون «تشركون».
و«كلّ كرب» هنا تحلّق الإنجاء على كلّ المحاور مهما كانت هناك أسباب ظاهرة ، فإنها ليست لتعمل إلّا بمشيئة الله.
(قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)(٦٥) :
تهديد شديد بالمتخلفين عن شرعة الله بعذاب غامر من فوق أو نابع من تحت أو آت من بينكم ، ثالوث من العذاب من نواح ثلاث تغمر الناس في خضمّها ، وقد تدل على اختصاصها بالمسلمين في هذا الخطاب (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) حيث المشركون وسائر الكفار هم ملبسون شيعا قضية مبدئهم ، وأما المسلمون فقضية مبدئهم الإسلام هي الوحدة اعتصاما بحبل الله جميعا.