فيا ويلاه من ذلك الاجرام المثلث حيث لا قبل له.
«ألا فالحذر الحذر من طاعة سادتكم وكبرائكم ، الذين تكبروا عن حسبهم ، وترفعوا فوق نسبهم ، وألقوا الهجينة على ربهم ، وجاحدوا الله على ما صنع بهم ، مكابرة لقضائه ، ومغالبة لآلائه ، فإنهم قواعد أساس العصبية ، ودعائم اركان الفتنة ، وسيوف اعتزاز الجاهلية» (١٩٠ / ٣٦١).
وهؤلاء الأكابر المجرمون ، وحماقى الطغيان المتفرعنون ، يحيلون إيمانهم بآية إلّا كما يشتهون :
(وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ)(١٢٤) :
هذا من أمكر المكر حيث يخيّل إلى البسطاء أن صاحب آية غير ما أوتي رسل الله ليس من رسل الله ، وكأنهم من مصدقي رسل الله إذا صدقت رسالاتهم بآياتهم المتواصلة المتشابهة ، وأما إذا تخلفت آية عنها فليسوا هم بمصدقيها كآية القرآن العظيم ، ويكأنهم أعلم من الله بكيان الآية الرسولية التي تثبت الرسالة ، و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) فحيثية الرسالة الختمية تتطلب آية خالدة تمشي مع الزمن وتهدي كلّ أهل الزمن ، فلو أن الله بعث خاتم الرسل بآيات الرسالات الأخرى ، المؤقتة لردح من الزمن الرسولي ، لكانت آية ناقصة ناقضة لخلود الرسالة.
صحيح أن الآيات الرسالية السابقة كانت عابرة غير باقية عبر كلّ رسالة إلّا أن الرسل اللّاحقين كانوا بآياتهم مصدقين لكلّ سابقة ، رسالات متواتية بآيات متشابكة يصدق بعضها بعضا ، ولكن الرسالة الأخيرة لا مصدق لها بعد ارتحال رسولها إلّا آيتها الخالدة : القرآن العظيم.
وهؤلاء الأكابر المجرمون المختلقون لهذه الشبهة الماكرة أصابوا بها