و«لو» هنا تحيلها بصورة طليقة كما سلبت في (لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ ...).
ف (لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ثم أنا عجلت به من إتيان آيات مقترحة ليصبح الحق ـ كما تزعمون ـ واضحا وضح النهار ، أم آية مستعجل العذاب (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وهو أمر الرسالة حين يستأصل المرسل إليهم بعذاب أم ببالغ الحجة التي ليس بعدها إمهال (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) فيما يقترحون متعنّتين ، فليس من الصالح لهم ولا للحق المرام أن يصغي إليهم فيما يتطلبون.
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٥٩) :
«مفاتح» وهي جمع مفتح وهو الباب ، تأتي في ثلاث ثانيتها (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) (٢٤ : ٦١) والثالثة (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) (٢٨ : ٧٦).
فلا تعني (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) مفاتيحه حيث المفاتح جمع مفتح وهو الباب أو الخزينة نفسها ، والمفاتيح جمع مفتاح ، وأين مفتح من مفتاح ، لا سيما وأن الله الذي لا يغلق عليه شيء لا تصح له (عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) فهي خزائن الغيب ف (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١٥ : ٢١).
وهنا «عنده» ظرفا مقدما يفيد الحصر ، ثم (لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) حصر في علمه به ، كما و«الغيب» كأصل ، هذه دلالات ثلاث على ذلك الإختصاص.
فلو كانت (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) عند غيره وإن توكيلا أو تخويلا لم تصح