ثم القائل (أَنْزَلَ اللهُ) مع التصديق أنه (بَيانٌ لِلنَّاسِ) يحمل عليه الآراء تقديسا للأجلاء المفتين بخلافه ، فليعن ما عنوه منه!.
وهكذا نرى (ما أَنْزَلَ اللهُ) ظليما أسيرا بأيدي الناس النسناس على مدار الزمن الرسالي ، فلو أن (ما أَنْزَلَ اللهُ) كان هو المحور الأصيل لمدراء شرعة الله والمتشرعين بها ، دونما حول عنه لم تحصل هذه الخلافات العارمة والاختلاقات المتشتتة.
(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)(٩٢) :
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٤٢ : ٧)(١).
.. تلك كتب للماضين ، ماضين على مناهجها وغير ماضين «وهذا» القرآن العظيم (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) وكلّ كتب الله مباركة ولكن أين مبارك من مبارك؟.
فهذا المبارك تتم بركته ، وتطم كافة المكلفين في كلّ حقول العلم والمعرفة والعمل الصالح إلى يوم الدين ، ثم وليس بدعا من الكتب بل هو (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من كتب الوحي ، تصديقا لصادق وحيها وتكذيبا للكاذب من تحريف أو تجديف.
وقد تلمح «بين يديه» إضافة إلى وحدة السلسلة الكتابية للرسل ، أن هذا الكتاب ناظر إليها مهيمن عليها ، تصديقا لصادقها وتكميلا ، وتكذيبا لكاذبها (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٥ : ٤٨) ، ثم :
__________________
(١) راجع الفرقان ٢٥ : ١١٥ تجد تفصيل البحث حول اممية الدعوة القرآنية.