ثم التحلية بحلية الإيمان ، ومن ثم الإيمان القمة المصفاة عن أية كدرة ، وهؤلاء الكبراء المجرمون ماكرون وغادرون في قولتهم : «لن نؤمن» فكيف يحمّلون رسالة الوحي؟.
فهؤلاء الأكابر المجرمون سيصيبهم صغار عند الله ، كما خيّل إليهم أنهم كبار عند الله ، يجب عليه أن يكون عند متطلباتهم الجاهلة الغائلة ، صغار باستكبارهم وانهم جعلوا رسالة الله وحكمه صغارا يستصغرونه لحد يتطلبونه لأنفسهم الحضيضة البغيضة.
ويا ليتهم لمسوا جانبا من طبيعة الرسالة الربانية والوحي حتى لا يلفظوا بهذه الشطحات ، فالقلب المتجرد عن كافة الحظوظ الذاتية والعرضية ، المتحلي بحب الله ومرضاته ، والمتجلي لمعرفة الله وعبوديته ، المتفئد بنور الله ، هو اللائق لتحمل رسالة الله ، دون القلوب المقلوبة عن انسانيتها ، المتفئدة بنيران الشهوات والحيونات.
ثم الله هو وحده الذي يصطفي من أصفياءه من يصلح لحمل الرسالة ، بصالح القابلية والفاعلية الرسالية ، بالعصمة البشرية والإلهية ، دون الناس الصالحين أيا كانوا فضلا عن هؤلاء الطالحين الكالحين! ذلك :
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(١٢٥) :
والصدر هنا هو صدر الروح الكامن في صدر الجسم ، وهكذا العقل في المخ ، والقلب في القلب ، الذي هو نفسه في الصدر ، وكما يشرح صدر الجسم بسطا للحمه ونشرا ، كذلك صدر الروح الذي هو مصدر الإيمان والكفر وسيطا بين العقل والقلب ، فالفطرة والعقل والصدر والقلب