(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(١٠٢) :
«ذلكم» العظيم العظيم (اللهُ رَبُّكُمْ) جميعا دون أن يكون له شريك أو أن يتخذ شريكا أو ولدا (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) من عابدين ومعبودين (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فليس له أي وكيل أو بديل ، بل هو الذي يكلّ أمر كلّ عليل وكليل.
ولأن الوكالة الربانية هي ولايته الطليقة لخلقه تدبيرا لما هم عنه عاجزون ، فلا تدخل هذه الوكالة في حقل التوكيل ، فالوكالة الخلقية أحيانا بحاجة إلى توكيل وأخرى لا تحتاج لأنها ولاية لا تحتاج إلى جعل من المولّى عليه ، والله وكيل لمن توكلّ عليه أم لم يتوكلّ.
ذلك وإن تفرّد الله تعالى بالخلق يفرده سبحانه بالملك ، والمتفرد بهما يتفرد في كافة شؤون الربوبية ومن أبرزها المعبودية وتقدير العباد.
ف (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) برهان حاسم لكونه إله كلّ شيء ومقدّره ورازقه ومدبّره ، ولأنه إله كلّ شيء وخالق كلّ شيء ، «فاعبده» لا سواه ، ولأنه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فليس له وكيل في ألوهيته أو ربوبيته حتى يصلح للعبادة والتدبير بديلا عن الله أو وكيلا عنه فضلا عن مثيل.
وخالقيته تعالى لكلّ شيء أصل قرآني علمي عقلي فطري. ف (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١٣ : ١٦) ف (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) (٣٥ : ٣) (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٣٩ : ٦٢) (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٤٠ : ٦٢).
وهنا «كلّ شيء» هي الأشياء الممكن إيجادها ذاتيا ومصلحيا ، فغير الممكن ذاتيا هو اللّاشيء المطلق فلا تشمله «شيء» وغير الممكن مصلحيا وإن كان شيئا بإمكانيته الذاتية ولكنه لا شيء باستحالته