فالوالد يلد ما يلده من ذاته ، والخالق يخلق ما يخلقه بديعا بمشيئته ، يخلق لا من شيء كالمادة الأوّلية المخلوقة لا من شيء ، أو يخلق من شيء خلقه قبل ، فلا يخلق من شيء ذاته فإنه ولادة ، ولا من شيء غير مخلوق له فإنه إشراك في الخالقية!.
ذلك ، ثم الصاحبة للإيلاد إنما هي لمصاحبها كونها وكيانا ولا مصاحبة بين المجرد عن المادة والمادة ، ثم لا شهوة للمجرد تقتضي مصاحبة الصاحبة لو كانت له ممكنة ، ومن ثم فتوليد الولد بشهوة وصاحبة غير محتاج إليه لمن خلق كلّ شيء بديعا.
والقول إن صاحبة الله إلهة كما الله فيولد بينهما إله ثالث ، مردود أولا باستحالة التعدد في الله ، ثم الوليد لو أمكن يجب أن يكون مجردا عن المادة كما الله ، فليس المسيح (ع) على أية حال ولدا لله!.
فهؤلاء المشركون مهما جهلوا الكثير من الحق هم عارفون قاعدة التكاثر الولادي أن يكون للوالد صاحبة أنثى من جنسه .. فكيف يكون لله ولد ولم تكن له صاحبة؟.
وقول البعض من المسيحيين انه (ع) مولود غير مخلوق تناقض بين يشبهه قول آخرين من غيرهم أن العالم قديم زمني على حدوثه!.
ذلك ، فالولادة الربانية ـ المختلفة بطبيعة الحال عن الخلقة ـ هي مستحيلة بكلّ الوجوه ، تبدلا لذاته التجردية اللانهائية إلى ذات محدودة جسمانية ، أو انتقالا لجزء منه تعالى إلى رحم وسواه يصبح ولدا ، إذ لا جزء له ، أو اتخاذا تشريفيا مجازيا في عبارة «الولد» حيث المجاز إنما يجوز فيما تجوز فيه الحقيقة ، فلما استحالت الولادة الإلهية حقيقيا فالمجازي كذلك مستحيل ، وعلى فرض الإمكان مجازيا ف (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ)!