القرآن صغارا كأنه آية صغيرة غير كافية أم ليست آية ، ف (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ).
أجل ، ولو كانوا هم أولاء ـ كما يدعون ـ عالمين حيث تجعل رسالة الله ف (اللهُ أَعْلَمُ) منهم (حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) لأنه هو الله العالم الغيب والشهادة ، وهو المرسل ـ كما يعلمون ـ سائر الرسل بسائر الآيات المعجزات.
وليست آية القرآن شاذة عن سائر الآيات إلّا في صورتها ، وأما سيرتها فهي أقوى وأبقى دلالة خالدة على خلود هذه الرسالة السامية ، فكيف تصبح الآية الأقوى والأبقى فعلية وفاعلية أبعد عن التصديق بعدم التشابه في صورتها مع الآيات الأخرى ، ويكأنها هي الأصيلة التي تقاس عليها غيرها.
ذلك ، ولو أن عدم التشابه الصوري بين آيات الرسالات يقضي على حجّية اللاحقة غير المشابهة للسابقة ، فلتكن الآية الأولى هي المصدّقة فقط ، ثم اللّاحقة لها كلها مطرودة لعدم التشابه الكامل ، ولا تشابه بين فلق البحر لموسى وإحياء الموتى لعيسى عليهما السلام!.
ولئن قالوا إن الأصيلة هي الأولى بازغة الرسالات ، يقال لهم بأية حجة هي الأصيلة والتالية ليست بها ، رغم أن الرسالات بآياتها متدرجة إلى أعلى فأعلى حتى تنتهي إلى علياها الوحيدة الخالدة كما القرآن العظيم.
وهنا (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) لا تختص بآية الرسالة ، بل هو الحيث الرسالي رسولا ورسالة بآياتها المثبتة لها وأصلها وزمانها ومكانها حيث الحيث هنا يحلّق على كلّ حقول الرسالة وأبعادها ، فقد نظر الله في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد وأصفاها واضفاها فاصطفاه لنفسه فأضفاه لرسالته الأخيرة التي تحمل الرسالات كلها ، وجعل لها آيتها