مقدمات وملابسات كالتبرج والتهتك والاختلاط المثير والكلمات والإشارات والحركات والنبرات والضحكات المثيرة وكلّ الإغراءات والتزيينات والاستثارات والاستهتارات ، فانها كلها مما تقرب إلى فاحشة الزنا.
وهكذا سائر الفواحش العقيدية والأخلاقية والعملية ، فردية وجماعية حيث القرب من مقدماتها يورد المقترب في أصولها.
٥ ـ (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) وهنا (إِلَّا بِالْحَقِّ) استثناء منقطع حيث المستثنى منه (النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) أو متصل إذا كان المستثنى منه فقط «النفس» وبالحق إن دور «بالحق» حظر عن قتل النفوس كضابطة ، سواء التي تعلم أنها محرمة فقد حرمها الله أصليا ، أو التي لا تعلم أنها محرمة أصليا فإنها محرمة حسب ذلك الأصل : (إِلَّا بِالْحَقِّ) فما لم تحقق هدر دم وأن الحق هدره ليس لك أن تهدره.
ومن الملاحظ في السياق القرآني أن هذه المنكرات الثلاث ، نجدها متلاحقة مع بعض ، ولأنها متشاركة متشابهة في الأخطار ، فالنفس المشركة ميتة ، والمجتمع الذي لا يحترم النفوس ولا يحترز عن الفحشاء ميت.
فالأصل في النفوس الإنسانية الحرمة اللهم إلّا ما خرج بدليل يحق الحق في هدرها ، كالنفس القاتلة عمدا دون حق ، أو الساعية في الأرض فسادا أو المرتدة عن الدين ، أو المحصنة في زنا ، وقد يروى عن النبي (ص) أنه «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق» (١).
ذلك ومن غريب الوفق عدديا في القرآن أن عديد الغضب والفاحشة بمختلف صيغهما مثلان فلكلّ (٢٤) وهذه لمحة لطيفة بأنهما صنوان متماثلان حيث الفاحشة تستجر الغضب!.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ١٣ : ٢٣٣.