وتحقيقا لواقع ما بغيتم وابتغيتم من دون الله.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٦٥) :
«جعلكم» أنتم المكلفين ككلّ «خلائف» يخلف بعضكم بعضا في «الأرض» : (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ..) (٣٥ : ٣٩) : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ..) (٧ : ٦٩) : (وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) (١٠ : ٧٣).
ذلك (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) في القابلية والفاعلية العقلية والعلمية والبدنية والاقتصادية أماهيه من تفاضلات خلقية أم على ضوء المساعي والاستحقاقات (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) حيث الوجد وسواه بلية في حقل المسؤولية تطبيقا وتحليقا فيها (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) في موضع النكال والنقمة (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) في موضع العفو والرحمة (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ).
ذلك ، وهنا (خَلائِفَ الْأَرْضِ) تعم خلافة النسل الأخير من الإنسان خليفة للأنسال المنقرضة منه وكما «قال ربك (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ثم خلافة كلّ قرن عن قرن وقرون قبله ، وخلافة عمّن تبقى مع نوح عن الذين غرقوا ، ومن ثم خلافة كلّ أمة رسالية عن أمة قبلها ، (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) وتلك الخلافة في مربعها وهذا الرفع درجات (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) من قوة وشرعة ، وقد اختصت الشرعة بما آتاكم في (... لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥ : ٤٨).