تَشْعُرُونَ) فلو كانوا من المطرودين لكان الله هو الذي يأمر أو يسمح بطردهم وهو ينهاك عن طردهم ويأمرك بالصبر معهم!.
هكذا ينهى الرسول (ص) عن طردهم أولاء ويؤمر بتقريبهم إليه رغم هؤلاء ، إنذارا به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم دون هؤلاء الناكرين الحشر إلى ربهم مهما كانت الدعوة عامة ، ولكن للسابقين إلى قبولها الدور الأصيل دون أي بديل عنهم إلى من يتعنّتون ، بلا دليل ، ولا سيما هؤلاء الذين يفرقون بين الفقراء والأغنياء وهم أغبياء ، يريدون ليحملوا رسول الهدى على مثل ذلك التمييز البغيض البعيد عن صلب الدعوة.
أجل ، وإن في تقديم هؤلاء المترذّلين لفقراء المؤمنين ، في تقديمهم عليهم تفضيل المفضول على الفاضل وذلك يناحر صميم الدعوة الرسالية.
لقد تقول أولئك الكبراء بكلّ تعنّت وكبرياء على هؤلاء الضعاف الفقراء الذين كان يخصهم رسول الهدى (ص) بمجلسه وقربه فطعنوا فيهم وعابوا ما بهم من فقر ، وان وجودهم في مجلسه (ص) ـ وبذلك التقريب الغريب ـ يسبب نفور هؤلاء السادة وعدم إقبالهم إلى الإسلام ، فقضى الله عليهم بما قضى (وَأَنْذِرْ ... وَلا تَطْرُدِ ..).
(ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ) بفقرهم وضعفهم «من شيء» (وَما مِنْ حِسابِكَ) وأنت نبي أم لو كنت غنيا (عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) فلا دخل لهذه القيم الزائفة في محطة الإيمان ، وبل والغنى والكبرياء منحطان عن الإيمان.
«لا تطردهم ..» فلينفر النافرون المستكبرون القائلون (أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) كيف بالإمكان أن يختص الله من بيننا بالخير والمكانة المرموقة عند الرسول هؤلاء الضعاف الفقراء الذين كانوا بالأمس خدامنا ، فلو كان خيرا ما سبقونا إليه ، فإننا نحن المختارون للخير أبدا ، وكانت هذه فتنتهم ، وبليتهم :