ليس ليعني سورة خاصة في صورة خاصة ، مهما نزلت هذه الآية فيما كان المسلمون يتكلمون في الصلاة والإمام : النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) جاهر بالقراءة! فمهما كان ذلك سببا لنزولها ولكنه ليس سببا لاختصاصها بذلك السبب ، ولو أن القرآن مات بموت سبب نزوله لمات القرآن كله ، فإنما العبرة بعموم النص لا بخصوص سبب نزوله ، ولو كان قرآن خاص موضوعا للحكم لجيء بخصوصه ، ولا سيما في (بَيانٌ (١) لِلنَّاسِ) أفترى القائل : إذا رأيت مسلما فسلّم عليه ، وهو في مقام البيان ، فهل يصلح تقييده بمسلم خاص؟ وبأحرى القرآن لمّا يقول : (إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) فالموضوع هو مطلق القرآن.
__________________
ـ عليه وآله وسلم) انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال : هل قرء أحد منكم معي آنفا به؟ قال رجل : نعم يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : إني أقول : مالي أنازع القرآن ، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيما جهر فيه بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).
أقول : ليس يعني هذا اختصاص وجوب الاستماع بالصلاة الجهرية للمأمومين وإنما هي الظرف الأهم لواجب الاستماع حيث الامام يتحمل عن المأموم القراءة إضافة إلى واجب الاستماع إلى القرآن بصورة مطلقة ، فلا معارضة بين أدلة وجوب الاستماع في الجهرية والأخرى الطليقة فيه ولا سيما الآية حيث ركز الأمر على «القرآن» وليس من الفصيح بل هو من القبيح.
وفي بحار الأنوار ٨٩ : ٢٢٢ عن جامع البزنطي نقلا عن خط بعض الأفاضل عن جميل عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقرأ القرآن يجب على من يسمعه الإنصات له والاستماع له؟ قال : نعم ، إذا قرئ القرآن عندك فقد وجب عليك الاستماع والإنصات.
وفي جامع أحاديث الشيعة ١٥ : ١٦٣ عن كتاب العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : يستحب الإنصات والاستماع في الصلاة وغيرها للقرآن ، أقول : لا يعني الاستحباب هنا إلا الوجوب لمكان «في الصلاة» ففي «غيرها» أيضا لوحدة التعبير ، ثم وليس الاستحباب نصا أو ظاهرا فيما اصطلح عليه ، بل هو مشترك في استحباب الواجب والندب اللهم إلا بقرينة تخص أحدهما.