وعناية قرآن الحمد في جهرية الجماعة ، جناية في التعبير ، لا تقبلها كلام اللطيف الخبير ، أن تعنى الحمد من «القرآن» الذي يحوى زهاء ألف ضعف من آياتها السبع!
إنما «القرآن» هو القرآن كله ما صدق عليه ، كلمة أو جملة أو آية أو سورة ، ومجهولية «قرئ» تجهّل تخصيص القارئ بما قد يخصّص به من كونه مسلما بالغا حالة القراءة الجهرية للصلاة ، أو كونها قراءة حية ، فلا يجب الاستماع والإنصات للقراءة المسجلة(١).
ذلك ، وقد هدد التارك للسجود حين يقرء القرآن بعدم الإيمان حيث يعني السجود غاية الخضوع ، لا فقط سجود التلاوة لمكان «القرآن» دون خصوص آيات التلاوة منه : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (٨٤ : ٢١) (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (١٧ : ١٠٩) (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (١٩ :) ٥٨).
ذلك ، وحتى لو لم يكن في القرآن نصوص كهذه التي تدل على فرض الاستماع لكان ذلك فرضا أدبيا وفطريا وعقليا ، فحين يكلمك عظيم من العظماء لصالحه هو دونك فهل يجدر بك أن تلهو عنه إلى غيره؟ فمالك حين يقرء القرآن لا تستمع له ولا تنصت ملتهيا إلى سواه؟ وهو لصالحك فقط دون صالح الله!
صحيح أنك حين تشتغل بواجب يشغلك عما سواه لا يفرض عليك استماع القرآن حيث يزول وجوبه إما حرجا أم تقديما لواجب أهم منه عليه كأن تصلي قارئا لواجباتها ، اللهم إلّا إذا أمكن الجمع كما فعله علي
__________________
(١) راجع الفرقان ٣٠ : ٢٤٩ ـ ٢٥٣ تجد تفصيلا لبحث حول حكم استماع القرآن على ضوء هذه الآية.