(عليه السلام) حيث سكت في صلاته مرات ثلاث احتراما للقرآن إذ كان يقرأه ابن الكوا وهو يندد به في آية الإشراك!
فمثل استماع القرآن كمثل سائر الواجبات التي تختلف حالاتها في دوران الأمر بينها وبين الأهم منها ، أم في حالة الحرج وما أشبه.
ذلك ، فالقرآن ككلّ أيا كان ومن أيّ كان يجب الاستماع له ، لا فقط سمعه ، وإنما (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) تقصّدا بسمع الأذن سمع القلب حتى يحلّق صوته ثم صيته على كيانك كله ، ثم «وانصتوا» فالاستماع دون إنصات كما الإنصات دونما استماع ليس هو كامل الفرض ، فإنه الجمع بينهما حيث القصد توحيد الاتجاه إلى القرآن لمّا يقرء ، كما توحد الله في الربوبية.
فهنا توحيد في الاستماع والإنصات للقرآن هو المأمور به ، وهناك إلحاد ألا يستمع له ولا ينصت ، وبينهما اشتراك أن يستمع له وينصت مع استماع لغيره وإنصات ، أو استماع دون إنصات أم إنصات دون استمتاع.
ثم (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) دون «إليه» أو «استمعوه» مما يدلنا على مغزى الاستماع ، فقد يستمع إليه ولا يستمع له كأن يسمع الصوت دون تأمل في معناه ، حيث القصد من الاستماع إليه هو الاستماع له ، فقد يستمع إلى كتاب الله هزء وتحريفا وتجديفا أم لا له ولا عليه ، و (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) تعني استماعا يليق بالقرآن ولصالحه إيمانا وتصديقا وتدبرا وتذكرا وتطبيقا ، أن يصبح المستمع له استماعا له بكل آذانه ، وإنصاتا بكل كيانه ، والإنصات ذريعة صالحة لصالح الاستماع له ، فإن «له» تعني اختصاص ذلك الاستماع بالقرآن ، دون إشراك له بسواه ، بل هو توحيد الاستماع بعد توحيده الإنصات (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) قدر الاستماع والإنصات له (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
لا كمن (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) (٢ :) ٧٥) (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٨ : ٢١) و (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٢١ : ٢)