فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٥٩ : ٧).
فمقسم الخمس والفيء متشارك إلا في أربعة أخماس ، ومقسم الأنفال فقط الله والرسول ، وقد يجوز للرسول بسند الرسالة أن يقسمه بين مستحقي الخمس ، ومقسم الزكاة تلكم الثمانية ، ولا اشتراك بينها وبين ست الخمس إلا في المساكين وابن السبيل ، فتبقى ستة من مقسم الزكاة غير مذكورة في مقسم الخمس ، كما وأن أربعة من الخمس غير مذكورة في الزكاة ، فالمقاسم إذا ثلاثة في هذه الضرائب الأربع ، أو اثنان لدمج الفيء في الخمس (١) وقد يدخل الفيء والأنفال في (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) فإنهما من الغنائم الجماعية للمسلمين ، واختصاص الأنفال بالله والرسول لا ينافي أن للأربعة الباقية أنصبة منها.
والقول باختصاص الخمس بغنائم الحرب قد يستدل له بما يلي :
١ كون آية الخمس بين آيات القتال صراحة أو تلميحة أن «ما غنمتم» تعني في الحرب ، وان كانت الغنيمة لغويا تشمل كل فائدة ، كأن يقول صاحب الصيدلية ضمن كلامه حول الأدوية : كل ما حصلتم عليه فاجعلوه في مكان كذا ، حيث لا يفهم منه إلا ما يناسب الصيدلية من الأدوية ، فلا يدخل في فهم أو وهم أنه يشمل اللحوم والفواكه والأسرجة وما أشبه؟
ولكنه قياس فان مثله تعالى في قوله (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) إنما هو مثل من يبيع أو يشتري كل شيء ، فإذا كان يتحدث عن شيء خاص ثم قال ما حصلتم عليه من شيء فلا يعني الشيء الخاص ، فلو عناه لخص
__________________
(١) للاطلاع على أبعاد الفيء والأنفال راجع الفرقان ٢٨ : ٣٣٤ ـ ٢٤٠.