(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وتفلجون أعداءكم :
فهنا (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً) قضية الإيمان والمسؤولية الإيمانية حيث ترون لقاء العدو أمرا من الله «فاثبتوا» قرارا دون فرار ، ثباتا على إمضاء أمر الله ، فهو الذي ينصركم كما يشاء (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) في هذا اللقاء وسواه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فتفلجون عدوكم إن شاء الله.
وهل الأصل للمؤمنين لقاء العدو ، أو العافية التي فيها الأمن والدعة؟ إنه ليس لقاء العدو إلا دفاعيا واضطراريا وكما نسمع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقول : «لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإن لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله كثيرا فإذا جلبوا وصيحوا فعليكم بالصمت» (١).
ولأن ذكر الله يطمئن القلوب ، والمؤمن في مهاوي الأخطار بحاجة ماسة إلى اطمئنان حتى لا يتزعزع ، لذلك افترض الله ذكره عند أشغل ما تكون عند الضراب بالسيوف.
وهل إن «فاثبتوا» ثابتة على أية حال؟ وآية التحرف لقتال أو التحيز إلى فئة تختصها بغيرها! ولكن الثبات لا ينافيه تولي الدبر لأشخاص من الجيش لإثبات أكثر مما كان ، إشخاصا لقوات إسلامية إلى أرض المعركة بأشخاص كأنهم يولون الدبر وهم في الحق مقبلون إلى حرب هي أقوى لهم وهي على العدو أنكى وأشجى.
وعلى أية حال فالثبات في اللقاء والإكثار من ذكر الله هما من مجالات الإفلاح (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٨٩ ـ أخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) :
وفيه أخرج عبد الرزاق عن يحيى بن كثير أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال : لا تتمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم ستبلون بهم وسألوا الله العافية فإذا جاءوكم يبرقون ويرجفون ويصيحون بالأرض الأرض جلوسا ثم قولوا اللهم ربنا وربهم نواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت فإذا دنوا منكم فثوروا إليهم واعلموا أن الجنة تحت البارقة.