وهنا كتاب الله وسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هما قمة الأسباب الرئيسية للوحدة والألفة ، طالما الأصول الأخرى التي لا أصل لها في كتاب أو سنة ، كالإجماع والشهرة والقياس والاستحسان والاستصلاح ، ودليل العقل مستقلا وجاه الكتاب والسنة ، إنها كلها من أصول التنازعات.
فالارتكان على أدلة العقول في الفروع الأحكامية وما أشبهها غير الكتاب والسنة ، إنه ارتكان إلى ركن سحيق محيق غير وثيق ، يخلف مختلف التنازعات بين المعتمدين عليها ، وهنا كلمة حاسمة لهذه التنازعات : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
فالأصل الإيماني بين قبيل الإيمان ألا يتنازعوا على أية حال ، فإذا تنازعوا لقصور في البال أم قضية الحال فإلى الله في كتابه ، وإلى الرسول في سنته ، فإذا بقيت بعد بقية من الخلافات حسب مختلف الاجتهادات والاستنتاجات فلا تنازع بعد بل هو الإقرار لكلّ والاستقرار على ما أدى إليه رأيه دونما تنازع وعداء ، بعد تشاور وتحاور سليمين.
فالمحور الأول الذي يقضي على محور التنازع المحظور هو أن يطلب كل الحق المرام مهما كان عند منازعه ، وأن يرفض كلّ الباطل مهما كان عنده.
ثم الثاني أن يمحور كل فطرته وعقليته السليمة على ضوء كتاب الله وسنة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم).
ومن ثم إذا بقيت خلافات فإلى شورى بينهم على ضوء هذين الأصلين الأصيلين ، فقد لا تبقى إذا خلافات إلا قليلة ضئيلة هي معفوة مغفورة لأنها من قضايا عدم العصمة العلمية والمعرفية.
ذلك ، فليست وجهات النظر المختلفة هي السبب الرئيسي للخلافات ، إنما هو حين تكون القيادة للأهواء والشهوات والإنيات والأنانيات ، وإنما هو وضع الذات في كفة محادة لكفة الحق أم غير محايدة لها أم قابلة للحق إذا اتبع هواه.