تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) وهم جنود الملائكة (إِنِّي أَخافُ اللهَ) أن يعاقبني ويعجل في أجلي الموعود (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ).
فلقد (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) ومنها إعمالهم كافة قدراتهم لمواجهة المؤمنين ، زين بما ألقى في صدورهم ثم زوّده بقوله : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ) خلافا لما أري رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وقد يروى عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله : ما رئي إبليس يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ من يوم عرفة وذلك مما يرى
__________________
ـ وإسرافيل في جند آخر ألف وإبليس قد تصور في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يجير المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس فلما أبصر عدو الله الملائكة نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أرى ما لا ترون فتشبث به الحارث وانطلق إبليس لا يرى حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال : يا رب موعدك الذي وعدتني.
وفيه أخرج الطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع الأنصاري قال : لما رأى إبليس ما يفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر اشفق أن يخلص القتل إليه فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر فرفع يديه فقال : اللهم إني أسألك نظرتك إياي.
وفي نور الثقلين ٢ : ١٦١ عن المجمع بعد ذكر القصة : فلما قدموا مكة قالوا : هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم فقالوا : إنك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلما اسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان ـ عن الكلبي وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).
وعن تفسير العياشي عن عمرو بن أبي مقدام عن أبيه عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال : لما عطش القوم يوم بدر انطلق علي (عليه السلام) بالقربة يستقي وهو على القليب إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت فلبث ما بدا له ثم جاءت ريح أخرى ثم مضت ثم جائته أخرى كان أن يشغله وهو على القليب ثم جلس حتى مضى فلما رجع إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أخبره بذلك فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أما الريح الأول فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة والثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة والثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة وقد سلموا عليك وهو مدد لنا وهم الذين رآهم إبليس فنكص على عقبيه يمشي القهقري حين يقول : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ).