عن تلكم القوات الإيمانية.
فحينما المؤمن يطير ويستطير بهذه القوى ، ليس الكافر ليطير إلا بالهوى ، فما اتفق الكافر وغايته الغاوية الهاوية وهي الحفاظ على الحياة الدنيا وزينتها ، فهو مقدام عليه دون أية هوادة ، فأما أن يموت في سبيل هذه الحياة فلا ، ولكن المؤمن يموت في سبيل حياة هي أحيى وأبقى (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى).
فالصبر والفقاهة المستصحبان للإيمان هما رمز الغلبة على أصحاب الفشل والسفاهة المستصحبان للّاإيمان ، وهذه سنة مستمرة بين المتناحرين ، أن الأقوى منهم روحية وتصميما وغاية هو الأقوى في النضال على أية حال.
فمعشار المؤمن من الكفار مغوار يقتل عشرة منهم بطبيعة الحال ، ف (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) تقرر أقل تقدير لغا علية الحسنة ، فلأن الجهاد حسنة فمجاهد واحد بجهاده في سبيل الله له عشر أمثاله من قبيل الكفر أن يغتالهم أو يقتلهم أو يغلبهم دونما تزعزع وفتور.
ثم «يغلبوا» مرتين في النص هي بصورة الجزاء خبرا عن الشرط ولكنه أمر لأمور عدة : منها أن في كونها خبرا كذبا حيث غلبوا ويغلبون مرارا وتكرارا ، ومنها أن التخفيف لا مجال له في الخبر إلا كذبا و (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) تخفيف من المعشار المغوار إلى ضعف في واجب القرار ومحرم الفرار.
ذلك ولكن الإخبار هنا معني بضمن الإنشاء وبينهما فارق تحليق عناية الإنشاء على كافة الموارد كضابطة ، ولكن صدق الإخبار يكفيه حصول المخبر به بطبيعة الحال ، ومهما تخلف أحيانا فإنه لملابسات مضادة لشروط الغلبة.
وهنا «يغلبوا» دون يقاتلوا دليل واجب الغلبة بواجب المعشار فضلا عما فوقه ، ولأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، فإذا فلت فالت دون تقصير من معشار المؤمنين فلا بأس به.