فإيجابية العدد المعشار في المؤمنين هي لأمور منها أنهم «صابرون» وسلبية القوة للكافرين بأضعافهم العشرة (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) فما هي الصلة بين عدم الفقه وأنهم يغلبون؟
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(٦٦).
ترى ولماذا يعبر هنا عن المعشار والنصف بهذه الطائلة المفصلة ، وما هو اختصاص «عشرون ومائة وألف وألفان»؟
علّه كما أسلفناه ـ لأن سراياه ما كانت تقل عن عشرين ولا هي أكثر من مائة (١) فقضية واقع الحال أن يعبر عما هو ، فقد فرض عليها الاصطبار حتى الغلبة في نطاق معشار المؤمنين من الكفار ، ثم ولم يكن المعشار إلا في نطاق العشرين وما زاد ، فلا يجري الحكم في الأقل من العشرين ، كما لا يجري في الأقل من المأتين في الحكم الثاني (٢).
__________________
(١) في تفسير الفخر الرازي ١٦ : ١٩٤ روى أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يبعث العشرة إلى وجه المائة بعث حمزة في ثلاثين راكبا قبل بدر إلى قوم فلقيهم أبو جهل في ثلاثمائة راكب وأرادوا قتالهم فمنعهم حمزة وبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عبد الله بن أنيس إلى خالد بن صفوان الهذلي وكان في جماعة فابتدر عبد الله وقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) صفه لي فقال : إنك إذا رأيته ذكرت الشيطان ووجدت لذلك قشعريرة وقد بلغني أنه جمع لي فأخرج إليه واقتله ، قال : فخرجت نحوه فلما دنوت منه وجدت القشعريرة فقال لي : من دخل؟ قلت له من العرب سمعت بك وبجمعك ومشيت معه حتى إذا تمكنت منه قتلته بالسيف وأسرعت إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وذكرت أني قتلته فأعطاني عصا وقال : أمسكها فإنها آية بيني وبينك يوم القيامة.
(٢) نور الثقلين ٢ : ١٦٦ في تفسير العياشي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول في آخره : وقد أكره علي بيعة أبي بكر مغضبا اللهم انك تعلم أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد قال لي : إن تموا عشرين فجاهدهم وهو قولك في كتابك : إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين وسمعته يقول : اللهم فإنهم لم ـ