ذلك ، ولمّا شق على المؤمنين ذلك التكليف قلة في اصطبارهم وعلة في قرارهم ضعفا في كثير منهم مهما صمد القليل ، خفف الله عنهم المعشار إلى الضعف (١) قضية الضّعف.
وترى ذلك الضعف هو في العدة والعدة الحربية؟ ولا يسبب هذا الضعف تخفيفا عن التكليف حيث الفرض فيه واقع ذلك الضّعف!
إنه ضعف في الفقه والاصطبار أمام العدة والعدة الزائدة للعدو ، وهو قضية الحال وطبيعتها حين يكثر المؤمنون والصادقون فيهم ـ بالطبع ـ قلة ، وفي الكثرة علة ، وهذا مما تعنيه : (فِيكُمْ ضَعْفاً) دون أنتم ضعفاء ، إنما فيكم ، في ظرف الكثرة العددية يكون لأكثركم ، ضعفا في الإيمان بفقهه وصبره.
وهنا «علم» بين علم حاضر لحضور وحدوث معلومه أن حدث فيهم ذلك الضعف ، وبين علم سابق معه بسابق ضعفهم وأنهم سوف لا يتحملون ذلك التكليف العضال.
ف «الآن» وهو بطبيعة الحال بعد ردح من زمن التكليف الأول وتطبيعه فيه (خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) غور المعشار «و» حال أنه «علم» بأحد الوجهين أم كليهما (أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) لا يجبر لضعف الفقه والصبر في الأكثر.
ف (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) وحينما الأكثر في الأكثر ليس لهم
__________________
ـ يتموا عشرين حتى قالها ثلاثا ثم انصرف ، أقول : استدلاله (عليه السلام) بالآية مما يدل على أنها غير منسوخة بالثانية نسخا رسميا ، إنما هو نسخ أحيانا حسب مختلف الإعدادات والاستعدادات الإيمانية والملابسات الحربية.
(١) قال عطاء عن ابن عباس : لما نزل التكليف الأول ضج المهاجرون وقالوا : يا رب نحن جياع وعدونا شباع ونحن في غربة وعدونا في أهليهم ونحن قد أخرجنا من ديارنا وأموالنا وأولادنا وعدونا ليس كذلك. وقال الأنصار : شغلنا بعدونا وواسينا إخواننا فنزل التخفيف ، وقال عكرمة : إنما أمر الرجل أن يصبر لعشرة والعشرة لمائة حال ما كان المسلمون قليلين فلما كثروا خفف الله تعالى عنهم.