وذلك بعد فتح مكة إذ لم تبق للمهاجرة دور حتى تدور معها الوراثة.
ذلك ، والإستنصار في الدين كما المحبة فيه لهما دور ثابت جلي في حقل الإيمان وان لم يهاجر المؤمن ، اللهم إلّا على قوم بينكم وبينهم ميثاق فليس هنا على المؤمنين المهاجرين أن ينصروا المؤمنين غير المهاجرين في مال وما أشبه ، وأما في الدين فهو ثابت لا مردّ له ، حيث النصرة الدينية لا ينقضها أو ينقصها ميثاق ، بل ولا يعقد ميثاق يناحر واجب النصرة في الدين ، حيث الدين ليس لينقض نفسه أو ينقص من نفسه بإقرار قرار يعارضه.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)(٧٣).
هنا موالات الكافرين وهناك موالات المؤمنين وبينهما برزخ الموالاة بين المؤمنين المهاجرين وغير المهاجرين ، وكل ذلك حسب العقيدة والعملية الطالحة أو الصالحة أو العوان بينهما ، وهنا (إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) في كل هذه (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) إذ يخرج عن الإسلام غير المهاجرين الذين هم من المسلمين مهما قصروا في الهجرة ، وهذه فتنة وفساد كبير ، كما «وإن لم تفعلوا» في ولاية الميراث ما أمرتم به (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) لمكانة المهاجرة الهامة قبل الفتح ، مهما اختلف فساد عن فساد قضية مختلف التخلفات عن هذه الفروض.
هذا ، فضمير الغائب في (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) راجع إلى كل ما مضى من أمر أو نهي في حقل الولاية والميثاق والنصرة ، ولا سيما استنصار المؤمنين غير المهاجرين في الدين.
__________________
ـ وآله وسلم) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار يتوارثون الذين تآخوا دون من كان مقيما بمكة من ذوي الأرحام والقرابات فمكث الناس على ذلك العقد ما شاء الله ثم أنزل الله الآية الأخرى فنسخت ما كان قبلها فقال : والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام والقرابات ورجع كل رجل إلى نسبه ورحمه وانقطعت تلك الوراثة.