(صلّى الله عليه وآله وسلم) انه ترك أولا هذه العادة ثم عاد يحققها ، وفيه تزييف لموقف الرسول وأبي بكر معا ، تخطئة للرسول كيف بدأ بالغريب ، ولأبي بكر كيف عزله بعد نصبه ، ثم ولم تكن للعادات الجاهلية موقف في هذه الرسالة السامية حتى يوقف رسالة أبي بكر لها عن قصة البراءة ، وقد كان ينسخ يوميا العادات الجاهلية وكما قال يوم فتح مكة عند الكعبة المباركة : «ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج» ثم ولو كانت هي عادة عربية صالحة الإتباع في هذه الرسالة فلما ذا تناساها ثم ذكرها وفيه فضح أبي بكر على رؤوس الأشهاد ، ولما يتساءل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع جوابا أمثال هذه المختلقات المتعصبة ، بل هو كلمة واحدة «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».
ذلك ، ولأن المخرجين قصة حديث البراءة هم فوق التواتر طول القرون الإسلامية ، والمخرج عنهم منهم علي (عليه السلام) وأبو بكر وابن عباس وجابر بن عبد الله الأنصاري (١) وأنس بن مالك وأبو سعد الخدري وأبو رافع وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وعبد الله بن عمر وحبشي بن جنادة وعمران بن حصين وأبو ذر الغفاري ، في المسانيد ، وعشرات أضعافهم في المراسيل ، فلا محيد ـ إذا ـ عن تصديقه وتقبّل معناه ومغزاه ولو كره الفاسقون.
ولقد ناشد الإمام علي (عليه السلام) ـ فيما ناشد ـ القوم حجاجا
__________________
(١) عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح فلما استوى للتكبير سمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبير فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله الجدعاء لقد بدا لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الحج فلعله أن يكون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فنصلي معه فإذا علي (عليه السلام) فقال له أبو بكر : أمير أم رسول؟ قال : لا بل رسول أرسلني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ببراءة أقرؤها على الناس في مواقف الحج أخرجه جماعة ذكرناهم فيما سبق من الهوامش.