فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)(٣٥).
فهي في مواجهة أهل الكتاب لما كان في نفوس مؤمنة من تهيّب وتردّد ، ولا سيما الروم بما فيه من بأس وبؤس وسمعة تاريخية عريقة بين أهل الجزيرة.
وفي المقطع الثالث وهو من الآية (٣٦) إلى آية الغار (٤٠) والنفر (٤١) يبدأ بالتنديد بالمتثاقلين المتكاسلين في الغزو ، المتعاضلين عن واجب الدفاع والنضال بقية على الحوزة الإسلامية.
وفي المقطع الرابع ـ وهي أطول مقاطعها ـ المستغرق زهاء نصفها ، إلى (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) عرض عريض لفضح المنافقين المتغلغلين في الصف الإسلامي بمختلف محاولاتهم وحيلهم المنافقة ، تعريضا عريضا عليهم وتحريضا للمؤمنين أن يأخذوا حذرهم منهم ، صونا عن تلاشي الهيكل الإسلامي بعد الفتح حيث عاد النفاق بعده بصورة أخرى متلفقة متلاحقة للأولى ، فأصبح ركاما خطرا على الجماعة المسلمة.
وفي المقطع الخامس تصنيف للجماعة المسلمة إلى درجاتها ، مؤمنة مخلصة ، إلى بسيطة ، وإلى مسلمة غير مؤمنة مفلسة وإلى منافقة كالسة ، وذلك إلى آية الضرار والتقوى (١٠٨).
والمقطع السادس والأخير يقرر طبيعة البيعة الإسلامية جهادا في سبيل الله ، وواجب إتباع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، قائدا رسوليا للقوات المسلحة ، وواجب المفاصلة مع المشركين والمنافقين.
ذلك ، والأحكام التي وردت في هذه السورة لحقل الجهاد والسياسة الإسلامية تجاه الأعداء ، هي ـ بوصفها آخر ما نزل من هذه الأحكام ـ تمثل قمة الخط الحركي للمنهج الإسلامي.
فللحركة القرآنية ككلّ سمات وبصمات ، كالواقعية الجديدة في منهجها ، والواقعية الحركية ذات المرحلية حسب مؤاتية الظروف والملابسات ، وأن هذه الحركة ذات البركة الدائبة ، بوسائلها ومسائلها