أجل «اقتلوا» حين لا علاج لهؤلاء المفتتنين إلّا القتل ، فآخر الدواء الكي ، قتلا عاقلا عادلا للحفاظ على الأهم في قسطاس الحق بين الجماهير ، و «حيث» هنا تعم قتلهم إلى كل مكان حتى الحرم ، وكل زمان حتى الأشهر الحرم المعروفة.
ذلك ، وفي الحق لا يعني القتال في حقل الإسلام إلا الدفاع عن الحق والوقاية له ، رعاية لعادلة السنة الإسلامية في القتال ، فقد «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول : سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدين وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه» (١).
ثم وليس قتال المشركين إلّا بعد الدعوة الظاهرة الجاهرة المقنعة لحدّ تقطع الأعذار ، فإن تمنّعوا عن قبول الدين الحق فهم ـ إذا ـ معاندون مفتتنون ، فهنالك الدفاع عن الحق ذودا عن الفتنة المعاندة.
__________________
ـ رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وكان السائل من محبينا ـ فقال له أبي : إن الله تعالى بعث محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلم) بخمسة أسياف ثلاثة منها جاهرة لا تغمد إلى فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، وسيف منها ملفوف وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا وحكمه إلينا ، فأما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركين العرب قال الله تبارك وتعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ... فَإِنْ تابُوا) يعني فإن آمنوا فإخوانكم في الدين ، فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا السيف والقتل أو الدخول في الإسلام ، وما لهم في ذراريهم سبي على ما أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فإنه سبى وعفا ، وقبل الغداء.
(١) المصدر في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال : أظنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان نور رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم):