وبرجعة أخرى إلى آية (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ننتبه بما يلي :
١ في تقديم «لله» على (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) عناية لحصرها فيه سبحانه وتعالى ، فليس ـ إذا ـ لغيره أسماء حسنى حيث هم بجنبه فقراء ولا حسن فيهم إلا كيان الفقر والافتقار إليه وكما يروى عن أحسن أسمائه الفعلية أن «الفقر فخري».
فليس لغير الله شيء من هذه الأسماء الحسنى في أيّ من حقولها ، ولا أي نصيب منها.
٢ الأسماء الحسنى لأنها خاصة بالله ، فلا تعني الأسماء العامة المستعملة في الله وما سواه ، إذا ف «شيء ـ موجود» وما أشبه وإن استعملت في الله ولكنها ليست من أسماءه الحسنى ، وحين تستعمل في الله تجرد عن ميزات ما سوى الله بذلك الاستعمال ، وقد يصح كونها من أسماءه الحسنى.
٣ (فَادْعُوهُ بِها) يدلنا انه تعالى لا يدعى إلا بها ، فدعوته تعالى بغيرها أم دون اسم منها إلحاد فيها.
٤ (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) مما يدلنا على توقيفية الأسماء الحسنى حيث «الأسماء» تعني المعهودة وطبعا هي في الكتاب والسنة ، ولو لم تكن توقيفية لما كان للإلحاد في الأسماء اللفظية معنى.
٥ قضية الدعوة بها أن يعرف من معانيها ما يصح أن يدعى بها ، وهنا ركنان ركينان لتلك الدعوة هما معرفة ذل العبودية وعز الربوبية.
٦ ولأن الإلحاد هو الميل عن الحق ، إذا ف (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) هو الميل عن الحق في كلا الأسماء والدعوة بها ، إلحادان اثنان هما ركنان للمعني من (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ).
ومن الإلحاد في أسماءه إطلاقها على غير الله كما يطلق على الله ، ومنه تسمية تعالى ودعوته بغير هذه الأسماء ، ومنه عناية المعاني غير اللائقة بساحته منها ، وما أشبه.