ذلك ، ومن مجامع الأسماء الحسنى سلبيا وإيجابيا ، كتابا وسنة ، محلقة عليها كلها ، وشارحة لمعانيها ومغازيها ، مبرهنة عليها ، موضحة إياها ، إن منها الخطبة التوحيدية الجامعة لكل شؤونها ذاتيا وصفاتيا وأفعاليا ، للإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ما لا تجمعه غيرها من الخطب :
«ما وحده من كيّفه ، ولا حقيقته أصاب من مثّله ، ولا إيّاه عنى من شبّهه ، ولا حمده من أشار إليه وتوهمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلة ، مقدّر لا بجول فكره ، غني لا باستفادة ، لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله ، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ، وبمضادته بين الأمور عرف أن لا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضادّ النور بالظلمة ، والوضوح بالبهمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصّرد ، مؤلف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرب بين متباعداتها ، مفرق بين متدايناتها ، لا يشمل بحد ، ولا يحسب بعدّ ، وإنما تحد الأدوات أنفسها ، وتشير الآلات إلى نظائرها ، منعتها منذ القدمة ، وحمتها قد الأزلية ، وجنّبتها لو لا التكملة ، بها تجلى صانعها للعقول ، وبها امتنع عن نظر العيون ، لا يجري عليه السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما هو أحدثه ، إذا لتفاوتت ذاته ، ولتجزّأ كنهه ، ولامتنع من الأزل معناه ، ولكان له وراء إذا وجد له أمام ، ولا لتمس التمام إذ لزمه النقصان ، وإذا لقامت آية المصنوع فيه ، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه ، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره ، الذي لا يحول ولا يزول ولا يجوز عليه الأفول ، لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهر عن ملامسة النساء ، لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسّه ، ولا يتغيّر بحال ، ولا يتبدل في الأحوال ، ولا تبليه الليالي والأيام ، ولا تغيره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الأجزاء ، ولا