وعل «ما» هنا تعني مع النفي ـ نفيا لجنة ـ الموصول ، فتعني : الذي بصاحبهم من جنة ، مجاراة في قولة الجنون ، (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) جنته المدّعاة ما هي جنة ، (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ينذر العقلاء عما يناحر العقل والفطرة الإنسانية فضلا عن عقلية الوحي ، فلو كانت به جنة كما تدعون فما هي مادتها بين مواد الجنة التي هي معروفة عن المجانين؟
ذلك ، والقرآن يحث دوما على التفكير ، مادحا المفكرين ، قادحا غير المفكرين ، الذين لا يستعملون عقولهم : (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٧ : ١٧٦) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٦ : ١١) (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣ : ١٩١).
أجل و «تفكرك يفيدك الإستبصار ويكسبك الإعتبار» (١) «والتفكر حياة قلب البصير» (٢) و «الفكر مرآة صافية» (٣) و «طول الفكر يحمد العواقب ويستدرك فساد الأمور» (٤) و «من أسهر كنه فكرته بلغ كنه همته» (٥) و «ركعتان خفيفتان في تفكر خير من قيام ليلة» (٦) و «لا عبادة كالتفكر في صنعة الله» (٧).
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(١٨٦).
__________________
(١) غرر الحكم ١٥٧ عن الإمام علي (عليه السلام).
(٢) الكافي ١ : ٢٨ الامام الصادق عنه (عليه السلام).
(٣) نهج البلاغة ١٠٩٠.
(٤) غرر الحكم ٢٠٨ عنه (عليه السلام).
(٥) غرر الحكم ٢٨٨ عنه (عليه السلام).
(٦) ثواب الأعمال ٦٨ عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم).
(٧) أمال الطوسي ١ / ١٤٥ عن الإمام علي (عليه السلام).