ومن ثقل الساعة في السماوات والأرض وطئتها ووقعتها القارعة حيث تنفطران : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١٤ : ٤٨) ، (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) مهما جاءت أشراطها ، فإن أشراطها تشير إلى قربها دون إشارة إلى مرساها (١).
(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) وما أنت بحفي عنها (إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) والحفي من الحفاوة هو الرحمة والحنان : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) (١٩ : ٤٧) ، وهو العلم ، فهو يائيا التنزع في الإلحاح في المطالبة (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) (٤٧ : ٣٧) أو في البحث عن تعرف الحال ، وأصله من أحفيت الدابة جعلتها حافيا أي منسجح الحافر والبعير جعلته منسجح الخف من المشي حتى يرق ، فما هو المناسب هنا من هذه المعاني؟
«عنها» هنا قد تستثني العلم بها حيث الصحيح ـ إذا ـ حفي بها ، وكذلك الإلحاح حيث الملحّ هو السائل دون المسؤول ، اللهم إلّا أن يعني الحفي المفعول يعني أنت ملحّ عنها؟ والإلحاح في السؤال عنها عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) أمر واقع مكرور فكيف (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها)! اللهم إلا أن تعني أنك عالم تلحّ في السؤال عنها حتى تعترف بجهلك بها أو تجيبهم بشيء حتى يكذبون (٢) ، أم حين تسكت يقولون : أنت ضنين بها (٣).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٠٦ عن تفسير القمي في الآية أن قريشا بعثت العاص بن وائل السهمي والنضر بن الحارث من كلدة وعقبة بن أبي معيط إلى نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل يسألونها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكان فيها : سلوا محمدا متى يقوم الساعة فإن ادعى العلم فهو كاذب فإن قيام الساعة لم يطلع الله عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا فلما سألوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) متى تقوم الساعة أنزل الله تبارك وتعالى : يسألونك عن الساعة.
(٢) الدر المنثور ٣ : ١٥٠ عن قتادة قال قالت قريش يا محمد أسر إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة ، قال : يسألونك كأنك حفي عنها.
(٣) الدر المنثور ٣ : ١٥٠ ـ أخرج ابن إسحاق وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال قال ـ