ذلك ، كما وهو «الصديق الأكبر» على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما تواتر عنه (١).
ذلك ، وإنما هي نصرة ربانية منقطعة النظير عن كل نصرة بشرية حتى من المؤمنين (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ) فمحور الخطر لا يحزن والحائر حوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الآمن في ظله يحزن ، فهل إن حزنه المحظور أم تركه نصرة له (صلى الله عليه وآله وسلم) منه وهو منصور بالسكينة الربانية أولا ، ثم بها مزيدة عليها ثانيا ، أم إن اختصاصه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسكينة وحرمان صاحبه في الغار عنها نصرة منه له (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وهو عليه كسرة وحسرة ، وللرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) منهاة حيث ينهاه «لا تحزن».
وأما (إِنَّ اللهَ مَعَنا) حيث يتمسك بها بمعية الله إياهما المشتركة بينهما ، إنها بطبيعة الحال معية الرحمة الخاصة؟ فموقف الغار يفسر هذه المعية أنها تعني معية الحفاظ على نفسيهما عن القتل ، وكل الأحياء مشتركون معهما في هذه المعية ، وإن كانت معية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) متميزة عن سائر المعيات ، كما (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥٧ : ٤) تشمل عامة المعية لكل الخليقة علما وقدرة وقيومية رحمانية ورحيمية ، رغم أن الخلق درجات في هذه المعيات الربانية.
فالمعية الربانية لغير المؤمنين هي الرحمانية العامة ، وهي للمؤمنين على درجاتهم معيات رحيمية على درجاتها ولا يظلمون فتيلا ، ثم المعية الحفيظة على الأنفس ، الشاملة للكلّ مؤمنين وسواهم ، لا تعني مساواتهم فيها كرامة ، فإن إبقاءه تعالى على الظالمين إملاء هي مهانة : (وَأُمْلِي لَهُمْ
__________________
(١) المصدر ٤ : ٢٦ ـ ٣٥ ، ٢٠٣ ، ٢٠٩ ، ٢١٧ ، ٢٨٤ ، ٣٣١ ، ٣٤١ ، ٣٤٦ ، ٣٦٨ ، ٣٧١ ، ٣٨٦ و ٦ : ١٦٠ و ٧ : ١٣١ و ١٥ : ٢٨١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٠٠ ، ٤٨٩ ، ٥١٢ و ١٦ : ٥١٤ و ٢٠ : ٢٢٤ ، ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، ٢٥٩ ـ ٢٦٣ ، ٢٩٨ ، ٣٣٣ ، ٣٤٠ ، ٣٧٤ ـ ٣٧٩ ، ٤٥٤ ـ ٤٥٥ ، ٤٥٩ ، ٤٦٦ ، ٤٧٢.