والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «بقرآنه المبين وبرهانه المتين هو من كلمات الله العليا والله عزيز حكيم».
ذلك فلم يكسب صاحبه في الغار من تلك الصحبة فضيلة إن لم تكن عليه رذيلة ، فإنه هو الذي لحقه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الغار دون اختيار منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم حزن لحد نهاه (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه واحتسب ذلك النهي نصرة له وما هي له نصرة إلا إذا كان حزنه خطرا عليه ، ثم أنز الله سكينة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) دون صاحبه وهو نصرة له (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرى إيجابيا ، ثم سلبيا أن صاحبه ما كان في حقل الإيمان بدرجة يليق أن تشمله السكينة الربانية وهو أحوج إليها منه (صلى الله عليه وآله وسلم).
هذه مسارح سبعة لنصرته (فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) دون انتصار فيها لصاحبه في الغار ولا افتخار اللهم إلا عار فوق عار لمكان (لا تَحْزَنْ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ).
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٤١).
«انفروا» لجهاد عدوكم حالكونكم «خفافا» غير مثقلين بأهلين وأموال وبنين «وثقالا» بهم مثقلين ، أو و «خفافا» يسهل لكم النفر لشبابكم وما أشبه «وثقالا» يثقل لشيخوختكم وما أشبه ، فعلى أية حال انفروا دون تثاقل إلى الأرض وأية عاذرة غادرة مما يبين أن لا عذر إطلاقا عن ذلك الجهاد من خفة أو ثقل ، اللهم إلا الأعذار القاطعة ، فقد كان ذلك استنفارا عاما لا يستثنى منه.
(وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ) التي تأخذونها معكم إلى جبهات القتال ، والتي تقدمونها إليها «وأنفسكم» هي الأخرى المقدمة لها (فِي سَبِيلِ اللهِ) دون سواه ، لغزوة الروم في تبوك أما أشبهها (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) من تثاقلكم إلى الأرض رضى بالحياة الدنيا من الآخرة (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما أعد الله لكم من خير في الدارين.