والعرض القريب هو السهل التناول ، قربا في زمان ومكان ومكانة دون أي بعد وأية صعوبة.
ف «لو» أن ذلك الجهاد (كانَ عَرَضاً) : غنيمة «قريبا» : بمتناول أيديهم طمعا فيه (وَسَفَراً قاصِداً) قريبا سهلا يسيرا فيه غنيمة وغلبة ، لكان يقصد بطبيعة الحال ـ فلا تعني «مقتصدا» حيث الأقل من المقتصد أقرب للإتباع ، إنما «قاصدا» يقصد وكأنه بنفسه يقصد ، إذا «لاتبعوك» في جهاد العدو (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) في هذه السفرة إلى تبوك الروم شقة في المسافة وشقة في المصافة حيث شاع بالمدينة أن الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عسكر عظيم ، وأن هرقل قد سار في جنوده وجلب معهم غسان وجذام وبهراء وعاملة ، وقد قدم عساكره البلقاء ، ونزل هو حمص فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التهيؤ إلى تبوك .. (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٢٢ عن تفسير القمي في قوله تعالى (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) يعني إلى تبوك وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسافر سفرا أبعد منه ولا أشد منه وكان سبب ذلك أن الضيافة كانوا يقدمون المدينة من الشام معهم الدرموك والطعام وهم الأنباط فأشاعوا بالمدينة .. فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التهيؤ إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء وبعث إلى القبائل حوله وإلى مكة وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة وحثهم على الجهاد وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعسكره فضرب في ثنيته الوداع وأمر أهل الجدة أن يعينوا من لا قوة به ومن كان عنده شيء أخرجه وحملوا وقووا وحثوا على ذلك وخطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : أيها الناس أن أصدق الحديث كتاب الله ... قال : فرغب الناس لما سمعوا هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقدمت القبائل من العرب من استنفرهم وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم ولقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الجد بن قيس فقال له : يا با وهب ألا تنفر معنا في هذه الغزاة لعلك أن تحتفد من بنات الأصفر؟ فقال : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحد أشد عجبا بالنساء مني وأخاف أن خرجت معك أن لا أصبر إذ رأيت بنات الأصفر فلا تفتني وائذن لي أن أقيم ، وقال لجماعة من قومه : لا تخرجوا في الحر ، فقال ابنه : ترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)